
المارد تحت القصف: هل تنهي الضربات الدور الوظيفي لإيران؟
2025-06-14
سلاح من دون دولة: كيف تتسلّح الجماعات المسلحة في الساحل الإفريقي؟
2025-06-21خلاصة فكرية – صادر عن منصة المدى للدراسات الفكرية والاستراتيجية
في زمن الفوضى وتداخل السرديات، يُغرينا الوقوف في المنتصف.
اللون الرمادي يبدو جذّابًا: لا يُغضب طرفًا، ولا يُحمّلك تبعة الانحياز. هو مساحة مريحة لمن يهرب من صخب الانقسام، أو يخشى أن يُحسب على أحدهم.
لكن… هل كل رمادي حياد؟ وهل كل حياد فضيلة؟
ماذا لو تحوّل هذا اللون “الآمن” إلى غطاء للصمت، أو وسيلة لتبرير التخلي، أو حتى مشاركة ناعمة في الظلم تحت لافتة الموضوعية؟
حين يكون الحياد تواطؤًا
في لحظات التحول الكبرى، لا يُطلب من المرء أن يصرخ، بل أن يحدد موقعه.
أن يسأل نفسه: ما المبدأ الذي لا أتخلى عنه؟ من هو الإنسان الذي لا أتغاضى عن قضيته؟
لأن الحياد في وجه الظلم، ليس عدالة، بل مشاركة سلبية.
وحين تكون كل المعطيات واضحة، فإن التهرب من اتخاذ موقف لا يُحسب حكمة، بل نوعًا من التواطؤ، حتى وإن جاء بثياب التأمل الفلسفي أو التحليل السياسي.
في السياسة… الرمادي قاتل
في عالم السياسة، يُستخدم “الرمادي” كثيرًا لتجميل التناقض، أو تسويق التطبيع، أو تمرير الانتهاك.
نسمع من يقول: “الأمور أعقد مما تبدو”، “كل الأطراف مخطئة”، “لا أحد بريء” …
لكن هذه المقولات – رغم صحتها في بعض السياقات – تتحول إلى ذريعة للتجميد الأخلاقي عندما تُستخدم لتبرير موقف الصمت أو التغاضي.
هناك فرق بين من يرى تعقيد المشهد فيبحث عن العدالة بحذر،
وبين من يرى التعقيد ذريعة لعدم الوقوف إلى جانب المظلوم أصلًا.
الرمادي في الفكر والمجتمع
حتى في النقاشات الفكرية أو الثقافية، يُعاد إنتاج “الرمادي” كقيمة.
يُقال: لا تطلق الأحكام، لا تُجزّئ الحقيقة، لا ترفض الآخر…
لكن: هل المطلوب أن نتخلى عن أحكامنا الأخلاقية؟ أن نصير مرايا لكل شيء؟ أن نساوي بين الجلاد والضحية تحت راية “التعددية”؟
ليس المطلوب أن نكون قساة، بل أن نكون واضحين.
فالمواقف الحقيقية لا تقتل الحوار، لكنها تمنحه أرضًا صلبة.
ختامًا
ليس كل رمادي حيادًا…
وليس كل حياد أخلاقًا…
في لحظات الحقيقة، من لا يُحدّد موقعه، سيجده محدَّدًا له من قِبل غيره.
ومن لا يملك شجاعة الموقف، لن يملك حق المراجعة أو النقد لاحقًا.
وفي زمن تختلط فيه النوايا، يبقى الضوء الحقيقي في وضوح البوصلة.
قل كلمتك… حتى لو وقفت وحدك.